آخر الأخبار

حكم جواز التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم


بقلم: الدكتورة رشا مجاهد


تثار بين الفنية والأخرى قضية التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وتتعالى بعض الأصوات التي تُحرِم التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بل يصل الأمر لتكفير من يتوسل بالنبي وحجة المعارضين قول الله سبحانه وتعالى ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾ فكيف نجعل بيننا وبين الله بشر مثلنا واقتطعوا باقي الآية ﴿يُوحَىٰ إِلَيَّ﴾ (سورة الكهف: الآية 110) فهو صلى الله عليه وسلم حقًا بشر ولكن ليس كمثله بشر، صاحب القدر العلي والمرتبة الرفيعة والجاه العظيم فأي مانع شرعي أو عقلي يمنع التوسل به..

حكم جواز التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم


والتوسل يعد أحد طرق الدعاء وباب من أبواب التوجه إلى الله تعالى، فالمقصود الأصلي الحقيقي هو الله تعالى والمتوسل به إنما هو واسطة ووسيلة التقرب إلى الله تعالى، والمتوسل ما توسل بهذه الواسطة إلا لمحبته لها واعتقاده أن الله تعالى يحبها، أي أن كل ما أحبه الله صح التوسل به وتضافر العقل والنقل على جوازه والمسؤول في ذلك كله الله وحده لا شريك له، فمسألة التوسل تدل على عظمة المسؤول به ومحبته فالسؤال بالنبي صلى الله عليه وسلم إنما هو لعظمته عند الله أو لمحبته إياه فهو صلى الله عليه وسلم أفضل البشر وأكرمهم وأجلهم يسمع الصلاة عليه ويرد السلام وتعرض عليه أعمال الأمة ويستغفر لسيئاتهم ويحمد الله على حسناتهم، ولقد أجاز المذهب الحنفي والمذهب الشافعي وبعض المالكية التوسل بالنبي بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.


ولكننا نريد الرد على الرافضين للتوسل بسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء بالدليل من آراء علمائهم وعلى رأسهم الامام أحمد بن حنبل الذي يقول: "وسل الله حاجتك متوسلا إليه بنبيه صلى الله عليه وسلم" جاء ذلك في مسند أحمد بن حنبل الجزء 4 صفحة 138، أما ابن تيمية في كتابه (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة) في تفسير قول الله تعالى ﴿ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة﴾ (سورة المائدة: الآية 35)، فيؤكد على أن: "ابتغاء الوسيلة إلى الله سبحانه وتعالى إنما يكون لمن توسل إلى الله بالإيمان بمحمد وأتباعه، وهذا التوسل بالايمان وبطاعته فرض على كل أحد في كل حال باطنا وظاهرا في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعد وفاته لا يسقط التوسل بالإيمان به وبطاعته فهو صلى الله عليه وسلم شفيع الخلائق"، وهو ما أكده في الفتاوى الكبرى في جواز التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم فيؤكد على أن: "التوسل بالايمان به ومحبته وطاعته والصلاة والسلام عليه وبدعائه وشفاعته ونحو ذلك مما هو من أفعاله وأفعال العباد المأمور بها في حقه فهو مشروع باتفاق المسلمين" ولقد جاء ذلك في الفتاوى الكبرى لابن تيمية الجزء الأول صفحة 140، أما الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مجموعة الموثقات القسم الثالث صفحة 68 فلقد أفتى بجواز التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم بل جاء عنه في رسالته الموجهة لأهل القصيم الاستنكار الشديد على من نسب إليه تكفير من يتوسل بالصالحين.


وأكد الدكتور أحمد عمر هاشم أستاذ الحديث بجامعة الأزهر على أن: "النبي صلى الله عليه وسلم توسل بالصالحين" وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أسألك بحب السائلين عليه الأنبياء والأولياء وغيرهم من الصالحين" وهو ما يؤكد جواز التوسل بالصالحين، وأكد الشيخ عطيه صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف على أن: " رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيلتنا إلى الله من حيث أنه معلم ومرشد فطاعته وحبه أساسه حب الله للعبد" وهو ما تؤكده الآية الكريمة ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ (سورة آل عمران: الآية 31)، وفي قول الله سبحانه وتعالى ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ (سورة النساء: الآية 80)، كما أكدت دار الإفتاء المصرية على استحباب التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وأعلنت أنه أمر مستحسن شرعا باتفاق الأئمة العلماء المجتهدين والقول بتحريم ذلك هو قول شاذ مبتدع لا دليل عليه.


وفي النهاية يرد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدليل القاطع على كل المعترضين على التوسل به صلى الله عليه وسلم بحديث صحيح أخرجه الترمذي وابن ماجة والنسائي وعبد بن حميد وغيرهم من طرق عثمان بن عمر في حديث الضرير عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضريرا أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " ادع الله أن يعافيني" فقال صلى الله عليه وسلم: " إن شئت أخرت ذلك وهو خير وإن شئت دعوت" فقال: " فادعه" فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة .. يا محمد إني توجهت بك إلى ربي وربك في حاجتي هذه فتقضى لي اللهم شفعه في وشفعني في نفسي) ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم بعدما علمه هذا الدعاء: " وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك" ويؤكد الامام الشوكاني على أن في الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى.


وتلك الطريقة هدية من المجربات القاطعة في إجابة الدعاء بأمر الله أقدمها هدية للقراء الأعزاء وأدعو الله بنور وجه نبيه الكريم أن يفرج كرب المكروبين ويزيل هم المهمومين بحق سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين سيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه.



آيات مصطفى علي
آيات مصطفى علي
المدير التنفيذي لجريدة سبأ نيوز وكاتبة أدبية وصانعة محتوى لدى عدة مواقع إلكترونية
تعليقات